الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{فاكهون} جائز إن جعل هم مبتدأ ومتكؤن خبرًا لهم والتقدير هم وأزواجهم في ظلال متكؤن على الأرائك فقوله على الأرائك متعلق به لا أنه خبر مقدم ومتكؤن مبتدأ مؤخر إذ لا معنى له وإن جعل متكؤن خبر مبتدأ محذوف حسن الوقف على الأرائك وليس فاكهون بوقف إن جعل هم توكيدًا للضمير في فاكهون وأزواجهم معطوفًا على الضمير في فاكهون.{متكؤن} حسن ومثله فاكهة.{ما يدّعون} تام إن جعل ما بعده مستأنفًا خبر مبتدأ محذوف أي وذلك سلام وليس بوقف إن جعل بدلًا من ما في قوله ما يدعون أي ولهم ما يدعون ولهم فيها سلام كذلك وإذا كان بدلًا كان خصوصًا والظاهر أنه عموم في كل ما يدعونه وإذا كان عمومًا لم يكن بدلًا منه وإن نصب قولًا على المصدر بفعل مقدر جاز الوقف على سلام أي قالوا قولًا أو يسمعون قولًا من رب وليس بوقف إن جعل قولًا منصوبًا بما قبله بتقدير ولهم ما يدعون قولًا من رب عدة من الله وحاصله إن في رفع سلام ستة أوجه أحدها أنه خبر ما في قوله ولهم ما يدعون أي سلام خالص أو بدل من ما أو صفة لها أو خبر مبتدأ محذوف أي هو سلام أو مبتدأ خبره الناصب لقولًا أي سلام يقال لهم قولًا أو مبتدأ خبره من رب وقولًا مصدر مؤكد لمضمون الجملة معترض بين المبتدأ والخبر وقرئ {سلامًا قولًا} بنصبهما وبرفعهما.{من رب رحيم} تام للخروج من قصة إلى قصة.{المجرمون} كاف.{الشيطان} جائز للابتداء بإن.{مبين} ليس بوقف لأن قوله وأن اعبدون معطوف على أن لا تعبدوا وإن جعلت إن مفسرة فيهما فسرت العهد ينهى وأمر أو مصدرية أي ألم أعهد إليكم في عدم عبادة الشيطان وفي عبادتي.{مستقيم} كاف.{كثيرًا} جائز.{تعقلون} كاف وتوعدون وتكفرون ويكسبون ويبصرون كلها وقوف كافية.{على مكانتهم} جائز.{ولا يرجعون} تام.{في الخلق} حسن.{يعقلون} تام للابتداء بالنفي ووسم بعضهم له بالحسن غير حسن.{وما ينبغي له} حسن وقيل تام.{مبين} ليس بوقف لأن بعده لام كي ولا يوقف على حيًا لأن قوله ويحق معطوف على لينذره.{الكافرين} تام.{أنعامًا} حسن.{مالكون} كاف.{وذللناها لهم} جائز ومثله ركوبهم ويأكلون ومشارب.{يشكرون} تام.{من دون الله} آلهة ليس بوقف لتعلق حرف الترجي بما قبله.{ينصرون} كاف على استئناف ما بعده وليس بوقف إن جعل ما بعده متعلقًا بما قبله ومن حيث كونه رأس آية يجوز.{نصرهم} حسن.{محضرون} كاف.{قولهم} تام عند الفراء وأبي حاتم لانتهاء كلام الكفار لئلا يصير إنا نعلم مقول الكفار الذي يحزن النبي صلى الله عليه وسلم والقراءة المتواترة كسر همزة إنا نعلم وقول بعضهم من فتحها بطلت صلاته ويكفر فيه شيء إذ يجوز أن يكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم مرادًا به غيره كقوله فلا تكونن ظهيرًا للكافرين ولا تدع مع الله إلهًا آخر ولا تكونن من المشركين ولابد من التفصيل في التكفير إن اعتقد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يحزن لعلم الله بسر هؤلاء وعلانيتهم فهذا كفر لا كلام فيه وقد يكون فتحها على تقدير حذف لام التعليل أو يكون إنا نعلم بدلًا من قولهم أي ولا يحزنك إنا نعلم وهذا يقتضي أنه قد نهي عن حزنه عن علم الله بسرهم وعلانيتهم وليس هذا بكفر أيضًا تأمل.{وما يعلنون} تام.{مبين} كاف.{ونسي خلقه} حسن.{رميم} كاف ومثله أول مرة وكذا عليم على استئناف ما بعده خبر مبتدأ محذوف تقديره هو الذي أوفى موضع نصب بتقدير أعني وليس بوقف إن جعل الذي في موضع رفع بدلًا من قوله الذي أنشأها أول مرة أو بيانًا له وعليه فلا يوقف على أول مرة ولا على عليم.{نارًا} ليس بوقف لمكان الفاء.{توقدون} تام للابتداء بالاستفهام بعده ومثله في التمام مثلهم عند أبي حاتم لانتهاء الاستفهام ووقف جميع على بلى ولكل منهما موجب ومقتض فموجبه عند أبي حاتم تناهي الاستفهام وموجب الثاني وهو أجود تقدم النفي وهو أو ليس نفي ودخل عليها الاستفهام صيرها إيجابًا وما بعدها لا نعلق له بها فصار الوقف عليها له مقتضيان وعدم الوقف عليها له مقتض واحد وماله مقتضيان أجود مما له مقتض واحد وهذا بخلاف ما في البقرة ما بعد بلى له تعلق بها لأن ما بعدها من تتمة الجواب فلا يوقف على بلى في الموضعين فيها كما مر التنبيه عليه بأشبع من هذا.{الخلاق العليم} كاف.{كن} حسن لمن قرأ {فيكون} بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي فهو يكون وليس بوقف لمن قرأه بالنصب عطفًا على يقول.{فيكون} كاف على القراءتين.{كل شيء} جائز.{ترجعون} تام القراءة ترجعون بالفوقية مجهولًا وقرئ بفتحها. اهـ.
.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة: .قال ابن جني: سورة يس:بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِقرأ: {يَاسِينَ والقُرْآنِ}1، بفتح النون ابن أبي إسحاق- بخلاف- والثقفي.وقرأ: {يَاسِينِ} بكسر النون أبو السمال وابن أبي إسحاق، بخلاف.وهارون عن أبي بكر الهُذَليّ عن الكلبي: {يَاسِينُ} بالرفع. قال: فلقيت الكلبي فسألته، فقال: هي بلغة طيء: يا إنسان.قال أبو الفتح: أما الكسر والفتح جميعا فكلاهما لالتقاء الساكنين؛ لأنه بنى الكلام على الإدراج، لا على وقف حروف المعجم؛ فحُرِّك فيه لذلك.ومَن فتح هرب إلى خفة الفتحة لأجل ثقل الياء قبلها والكسرة.ومن كسر جاء به على أصل حركة التقاء الساكنين. ونظيره قولهم: جَيْرِ، وهَيْتِ لك، وإيهِ وسيبويه وعَمْرَوَيْهِ، وبابهما.ومَن ضم احتمل أمرين: أحدهما أن يكون أيضا لالتقاء الساكنين، كحَوْبُ في الزجر، ونحن، وهَيْتُ لك.والآخر أن يكون على ما ذهب إليه الكلبيّ، ورُوّينا فيه عن قطرب:ورواه أيضا: من بعد ما طاف أهلها، وقال: معناه صوت إنسان.ويحتمل ذلك عندي وجها آخر ثالثا، وهو أن يكون أراد يا إنسان، إلا أنه اكتفى من جميع الاسم بالسين، فقال: ياسين، فيا فيه الآن حرف نداء، كقولك: يا رجل. ونظير حذف بعض الاسم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالسيف شا»، أي: شاهدا، فحذف العين واللام. وكذلك حذف من إنسان الفاء والعين، غير أنه جعل ما بقي منه اسما قائما برأسه، وهو السين، فقيل: ياسين، كقولك: لو قست عليه في نداء زيد: يا دال. ويؤكد ذلك ما ذهب إليه ابن عباس في حم عسق ونحوه أنها حروف من جملة أسماء الله عز وجل، وهي: رحيم، وعليم، وسميع، وقدير. ونحو ذلك. وشبيه به قوله: أي: وقفَتْ، فاكتفت بالحرف منه الكلمة.ومن ذلك قراءة ابن عباس وعكرمة وابن يعمَرَ ويزيد البربري وعمر بن عبد العزيز ويزيد بن المهلب والنخعي وابن سيرين، بخلاف: {فَأَعْشَيْنَاهُمْ}.قال أبو الفتح: هذا منقول من عَشِيَ يَعْشَى: إذا ضعف بصره فَعَشِيَ وأعشَيْتُه، كعَمِيَ وأعْمَيْتُه. وأما قراءة العامة: {فَأَغْشَيْنَاهُمْ} فهو على حذف المضاف، أي: فأغشيْنا أبصارَهُم: فجعلنا عليها غِشاوَة.وينبغي أن يعلم أن غ ش ي يلتقي معناها مع غ ش و؛ وذلك أن الغشاوة على العين كالغشي على القلب، كل منهما يركب صاحبه ويتجلله، غير أنهم خصوا ما على العين بالواو، وما على القلب بالياء؛ من حيث كانت الواو أقوى لفظا من الياء، وما يبدو للناظر من الغشاوة على العين أبدى للحس مما يخامر القلب؛ لأن ذلك غائب عن العين، وإنما استدل عليه بشواهده لا بشاهده ومعاينه. ولهذا في هذه اللغة من النظائر ما لو أودع كتابا لكبر حجما، وكثر وزنا. ومحصول الحال واسع وكثير، لكن المحصل له نزر قليل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.ومن ذلك قراءة ابن محيصن والزهري: {أَنْذَرْتَهُمْ}1، بهمزة واحدة على الخبر.قال أبو الفتح: الذي ينبغي أن يعتقد في هذا أن يكون أراد همزة الاستفهام كقراءة العامة: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} إلا أنه حذف الهمزة تخفيفا وهو يريدها، كما قال الكميت: قالوا: معناه: أو ذو الشيب يلعب؟ تناكُرًا لذلك، وتعجُّبًا. وكبيتِ الكتاب: يريد: أشعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر؟ويدل على إرادة هذه القراءة الهمزة وأنها إنما حذفت لما ذكرنا بقاء أم بعدها، ولو أراد الخبر لقال: أولم تنذرهم. فإن قيل: تكون أم هذه منقطعة، كقولهم: إنها لإبِل أمْ شَاءٌ، قيل: إذا قدرت ذلك بقي قوله تعالى: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِم} منقطعا لا ثاني له، وأقل ما يكون خبر سواء اثنان. فقد علمت بهذا أن قول ابن مجاهد على الخبر لا وجه له، اللهم إلا أن يُتحمَّل له، فيقال: أراد بلفظ الخبر وفيه من الصنعة ما تراه.ومن ذلك قراءة الماجشون: {أنْ ذُكِّرْتُمْ} بهمزة واحدة مفتوحة مقصورة، ولا ياء بعدها وقرأ: {أَيْنَ} بهمزة بعدها ياء ساكنة، والنون مفتوحة {ذُكِرْتُمْ} مضمومة الذال، خفيفة الكاف الأعمش وأبو جعفر يزيد.قال أبو الفتح: أما {أَنْ ذُكِّرْتُم} فمنصوبة الموضع بقوله سبحانه: {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} وذلك أنهم لما قالوا لهم: {إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أي: تشاءمنا، قالوا لهم جوابًا عن ذلك: بل {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} أي: بل شؤمكم معكم {أَنْ ذُكِّرْتُم} أي: هو معكم لِأَنْ ذُكِّرْتُمْ، فلم تذكروا، ولم تنتهوا. فاكتفى بالسبب الذي هو التذكير من المسبب الذي هو الانتهاء، على ما قدمناه من إقامتهم كل واحد من المسبب والسبب مقام صاحبه. ووضعوا الطائر أيضا موضع مسببه وهو التَّشَؤمُ، لما كانوا يألفونه من تكارههم نعيقَ الغراب أو بُرُوحَه ونحو ذلك. ومَن رأى أنّ أنْ قد حُذِفَ الجارُّ عن لفظها وإرادتِه فيها مجرورةً رأى ذٍلك هنا فيها، وهو الخليل.وأما {أَيْنَ ذُكِرْتُمْ} فمعناه أين حَلَلْتُم، وكنتم، ووُجِدْتم؛ فَذُكِرْتُم. فاكتفى بالمسبب الذي هو الذكر من السبب الذي هو الوجود، و{أَين} هنا شرط وجوابها محذوف لدلالة {طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ} عليه، فكأنه قال: أَيْن ذُكِرْتُم، أو أين وجدتم شؤمكم معكم. وهذا كقولك: سَيفُك معك أين حَلَلْت، وجُودك معك متى سئلت كنت جوادا، وكقولك: أنت ظالم إن فعلت، أي: إن فعلت ظلمت. ولا يجوز الوقوف في هاتين القراءتين على {معكم} لاتصال أنْ و{أين} بها، لكن على قراءة من قرأ بالاستفهام: {أئِنْ ذُكِّرْتُم} لأن الاستفهام يقطع ما قبله عما بعده؛ لأن له صدر الكلام؛ فكأنه قال: بل طائركم معكم ردًّا عليهم، ثم استأنف مستفهمًا، وهو يريد الإنكار.ومن ذلك قراءة أبي جعفر ومعاذ بن الحارث: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ}.وقرأ ابن مسعود وعبد الرحمن بن الأسود: {إلا زَفْيَةً}.قال أبو الفتح: في الرفع ضعف؛ لتأنيث الفعل، وهو قوله: {كانت}. ولا يقوى أن تقول: ما قامت إلا هند، وإنما المختار من ذلك: ما قام إلا هند؛ وذلك أن الكلام محمول على معناه، أي: ما قام أحد إلا هند. فلما كان هذا هو المراد المعتمد- ذكر لفظ الفعل، إرادة له، وإيذانا به. ثم إنه لما كان محصول الكلام: قد كانت صيحة واحدة جيء بالتأنيث؛ إخلادًا إليه، وحملا لظاهر اللفظ عليه. ومثله قراءة الحسن: {فَأَصْبَحُوا لا تُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}1 بالتاء في {ترى}.وعليه قول ذو الرمة: وأقوى الإعرابين: فما بقي إلا الصدور؛ لأن المراد ما بقي شيء منها إلا الصدور، على ما مضى.وأما {زَقْيَةً} فيقال: زَقَا الطائر يَزْقُو ويَزِقِي زُقُوًّا وزُقِيًّا وزُقاء: إذا صاح، وهي الزَّقْوة والزَّقْية.وأما أبو حاتم فصرّف الفعل على الواو، فلم ير للياء فيه تصريفا، وقال: أصلها زقوة، إلا أن الواو أبدلت للتخفيف ياء، وشبهه بقولهم: أرض مَسْنِيَّةٌ، وإنما هو مَسْنُوَّةٌ، وقوله: أي: مَعْدُوًّا عليه، وأثبت أبو العباس أحمد بن يحيى الياء في زَقْية أصلا، وأنشدوا قوله: وكأنه إنما استعمل هنا صياح الطائر: الديك ونحوه؛ تنبيها على أن البعث بما فيه من عظيم القدرة وإعادة ما استرم من إحكام الصنعة وإنشار الموتى من القبور سهل على الله سبحانه كزَقْيَةٍ زَقَاها طائرٌ. فهذا نحو من قوله: {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} ونحو ذلك من الآي التي تدل على عظيم القدرة، جل الله جلالا، وعلا علوا كبيرا. وأنشد الفراء مستشهدا به على صحة الياء قوله: وقال: يُقال: زَقَوْتَ وزَقَيْتَ.ومن ذلك قراءة الأعرج ومسلم بن جندب وأبي الزناد: {يَا حَسْرَهْ} ساكنة الهاء، {عَلَى الْعِبَادِ}.وقرأ: {يَا حَسْرَةَ الْعِبَادِ}- مضافًا- ابن عباس والضحاك وعلى بن حسين ومجاهد وأبي ابن كعب.
|